* الحلقة الـ 7 من كتاب « كيف نعلم أبناءنا تحمل المسؤولية » للكاتبة الكبيرة : « سلوى المؤيد » تحت عنوان : المسؤلية .. ماذا تعني ؟وكيف يتعلمها الأبناء.
..............................
نتطلع كآباء إلى أن يتعلم أبنائنا الإحساس بالمسؤلية ..ونعتقد بإننا نستطيع أن نحقق ذلك من خلال ما نفرضه عليهم من واجبات يومية ..قد يطلب الأب من إبنه القيام بمسؤلية رمي القمامة يومياً ..أو قص حشيش الحديقةمرة في الأسبوع ..أو ترتيب غرفته عندما ينهض من النوم لكي يتعلم تحمل المسؤلية..وقد تطلب الأم من إبنتها أن ترتب سريرها كل يوم ..أو أن تحتفظ بغرفتها نظيفة لكي تزرع في نفسها الإحساس بالمسؤلية ..إلا أن خبراء التربية يؤكدون أن هذا الإحساس لا ينمو في نفوس الأبناءمن خلال ما نفرضه عليهم من أعمال روتينية .. بل بالعكس إذ قد ينتج عنه صراع بينهم وبين آبائهم يسيء إلى علاقتهم بهم ،لما يستثيره من مشاعر الغضب والإستياءفي نفوس هؤلاء الأبناء ..كما أن إصرارالأب على أن يقوم إبنه بواجب يومي سيجعله مرغماً على طاعته ..لا راغباً في أداء ذلك العمل ..والطاعة الناتجة عن غير اقتناع لا تجعل الطفل راغباً في تحمل المسؤلية ..لإن هذه الرغبة لا تنمو بالفرض وإنما بشكل طبيعي من خلال ما يمتصه هذا الطفل من قيم أخلاقية واجتماعية إيجابية في البيت والمجتمع المحيط به أثناء نمو شخصيته ..وهي التي تزرع في نفسه الإحساس بالمسؤلية نحو أسرته ومجتمعه ..
والمؤسف هنا أن معظم الآباء لا يدركون أو يتجاهلون حقيقة كونهم قدوة لإبنائهم ..فيتصرفون بإسلوب لا يحمل روح المسؤلية نحو أسرهم ومجتمعاتهم ..ثم يتطلبون من أبنائهم أن يشعروا بإهمية الإحساس بالمسؤلية ..بينما لن يتعلم هؤلاء الأبناء ذلك الإحساس مثلما ذكرت من قبل إلا من خلال امتصاصهم لما تحمله تصرفات آبائهم اليومية من قيم أخلاقية ..سوف تنغرس في نفوسهم وتشكل أحكامهم الخاصة ..فكيف نريد لهؤلاء الأبناء الإحساس بالمسؤلية ..وهي غير متواجدة في نفوس آبائهم ؟.
كما تؤكد لنا وقائع الحياة أن الطفل المؤدب الملتزم بإداء واجبات حياته اليومية ..قد لا يكون قادراً على أن يتخذ قرارات مسؤلة تتعلق بحياته أو مستقبله ..لماذا ؟ لإن والديه لا يتركان له الفرصة ليعبر من خلالها عن رأيه ..وإنماعليه أن يطيع ما يصدر إليه من أوامر ..بينمايحتاج كل طفل إلى مساحة من حرية الإختيار لكي يتعلم كيف يختار ويصدر أحكامه.ومن خلال ذلك سينمو الإحساس بالمسؤلية في أعماقه .
والخطأ الذي يرتكبه أكثر الآباء يتمثل في عدم إعداد أبنائهم لكي يتعاملوا مع مشاعرهم السلبية ..والسبب في ذلك يعود إلى أن الآباء أنفسهم لم يعلمهم آبائهم أن يفعلوا ذلك .
فنرى مثلاً كيف ينكر ا لأب مشاعر الكراهية التي يبديها إبنه لإخاه قائلاً له
" أنت بالتأكيد لا تعني ما تقول ..أنت تعلم أنك تحب أخاك الصغير "
أويستنكر على إبنه أن يشعر بذلك الشعور فيقول له
" لست أنت بالتأكيد الذي تكره أخاك ..وإنما هو الشيطان في داخلك هو الذي يكره أخاك "
أو يهددالأب إبنه قائلاً
"إذا سمعتك مرة أخرى تذكر أمامي أنك تكره أخاك ..سأضربك ..الأطفال الطيبون يجب أن لا يشعروا بالكراهية لإحد "
أو يحاول تجميل مشاعر إبنه بإن يقول له
" من المؤكد أنك لا تكره أخاك .. وإنما لا ترتاح إليه ..عليك أن تترفع عن هذه المشاعر "
(٣)
إذن ، ماذا فعل الأب من خلال هذه التعليقات ؟
لقد أنكروهو يتعامل مع إبنه حقيقة أن المشاعر مثل الأنهار لا يمكن إيقافها ..وإنما يمكن تحويلها إلى مكان آخر .. والمشاعر القوية أو الغاضبة مثل المياه الفائضة في النهر لا يمكن إنكارها أو تجاهلها .. لإننا عندما نفعل ذلك ..فإننا بذلك نعد أنفسنا لكارثة قادمة ..لذلك كان على هذا الأب أن يدرك مدى قوة مشاعر إبنه السلبية وحقه في التعبير عنها ..أو يحاول تحويلها عن مسارها بمهارة..لكي يخلق جواً من التفاهم والحب بينه وبين أبنائه .
ترى ..ماهي الطرق التي علينا أن نتبعها لكي ننمي لدى أبنائنا القدرة على الإحساس بالمسؤلية وغيرها من الصفات الأيجابية في شخصياتهم ..
http://Www.salwaalmoayyed.com.bh